- مقدمة النقاش:
يتكرر في البيوت والفصول سؤال ملحّ:
“لماذا يتصرف هذا الطفل بهذه الطريقة؟ لماذا يصرخ، يعاند، يكسر، يرفض؟”
وغالبًا ما نصف هذه التصرفات بالمزعجة”، ونبحث سريعًا عن طرق لإيقافها.
لكن، هل كل سلوك مزعج هو مشكلة سلوكية؟
أم أنه أحيانًا مجرد رسالة مشاعر لا يُجيد الطفل التعبير عنها بالكلمات؟
هل نحن نُعالج السلوك فقط، أم نفهم ما وراءه؟
لفهم الطفل بحق، يجب أن ننتقل من “الحكم على السلوك” إلى “الإنصات للمعنى”،
ومن “رد الفعل” إلى “الاحتواء والفهم”.
فكيف نُميّز بين السلوك الناتج عن خلل، وبين السلوك الناتج عن مشاعر مضغوطة؟
وكيف نتعامل مع كل نوع بطريقة تحقق التهذيب دون كسر أو إهمال؟
- مداخلات الأعضاء في النقاش:
المداخلة الأولى: السلوك المزعج ليس دائمًا سلوكًا سيئًا
الطفل لا يملك بعد المهارات اللغوية والعاطفية الكافية، فيُعبّر بجسده أو سلوكه.
أمثلة شائعة:
•طفل يصرخ: قد لا يقصد الإزعاج، بل يعاني من ضغط داخلي أو عدم فهم.
•طفل يرفض أو يعاند: قد يكون دفاعًا عن الاستقلالية، لا قلة أدب.
مفتاح الفهم:
اسأل نفسك دائمًا:
“ماذا يحاول طفلي أن يقول لي من خلال هذا السلوك؟”
الرسالة: ما نسميه “إزعاجًا” قد يكون نداءً خفيًا لفهم أعمق أو حضن أدفأ.
المداخلة الثانية: كيف نميّز بين مشكلة سلوك وتعبير عن شعور؟
السلوك الناتج عن خلل سلوكي:
• يتكرر رغم الاستجابة المناسبة.
• يتضمن تجاوزًا واضحًا للحدود.
• لا يختفي عند تغير الظروف العاطفية.
السلوك الناتج عن مشاعر:
• يظهر بعد مواقف معينة (تغيير، غضب، توتر، غيرة…).
• يهدأ بالاحتواء أو الحديث.
• لا يظهر باستمرار في جميع البيئات.
أداة المربي الذكية: الملاحظة ثم التحليل، لا الاستعجال بالحكم.
الرسالة: الطفل لا يحتاج دائمًا إلى “عقاب”، بل إلى “فهم أعمق”.
المداخلة الثالثة: التعامل الصحيح مع السلوك الناتج عن المشاعر
الخطوات التربوية:
1. تهدئة نفسك أولًا: الطفل لا يستحق غضبنا فوق مشاعره.
2. الإنصات خلف السلوك: “أنت زعلان؟” “ضايقك شيء؟”
3. تسمية المشاعر ومشاركتها:
4.تدريب الطفل على بدائل: “بنهدأ قليلاً ثم نتحدث .
مثال عملي:
طفل يُغلق الباب بعنف → بدل الصراخ عليه، قل:
“واضح إنك متضايق، بس تعال نختار طريقة ما تؤذي فيها الباب ولا مشاعرك.”
الرسالة: نعلّم الطفل أن المشاعر ليست خطأ، لكن التعبير عنها له أدوات.
المداخلة الرابعة: التعامل مع السلوك الذي يحتاج تعديلًا مباشرً
السلوكيات التي تحتاج تدخلًا حازمًا:
•الأذى المتكرر للغير.
•الكذب المتعمد.
•العصيان المقصود المتكرر.
الخطوات:
1. تحديد السلوك غير المقبول بوضوح.
2. شرح السبب بأسلوب مبسط: “لأن هذا يؤذي/يخالف الأدب/يكسر النظام.”
3. فرض نتيجة منطقية (وليس انتقامية): مثل فقدان امتياز أو إتمام ما أفسده.
4. المتابعة والاستمرارية لا الانفعال والتهديد.
الرسالة: حتى في الحزم، تبقى العلاقة والاحترام أولوية.
خاتمة النقاش:
عندما نرى سلوكًا مزعجًا من طفل، لدينا خياران:
•إما أن نُعالج السطح ونقمع.
•أو أن نغوص في العمق ونفهم، ثم نُعيد البناء بلطف ووعي.
ليس كل طفل يحتاج إلى عقاب… بل يحتاج من يقرأ رسالته دون أن ينطق.
الفرق بين المربي العادي والمربي الواعي هو أن الأول يرى “السلوك”،
والثاني يرى “الطفل خلف السلوك”.
السؤال الختامي:
ما هو سلوك “مزعج” تكرر من أحد الأطفال في محيطك؟
وجربت أن تتعامل معه بالفهم بدل الغضب، كيف كانت النتيجة؟